نبدآ
ارتفعت معدلات الطلاق بنسب مخيفة ويبدوا جليا غياب العاطفة في العلاقة الزوجية وهذا ما يعرف باسم الطلاق العاطفي والذي نراه في زيجات كثيرة وإن كان البعض يرى أنه يحدث بعد أزمة منتصف العمر ( سن اليأس ) فإنني أرى أن ذلك يحدث أحيانا في السنوات الأولى للزواج أو بعد ولادة أول طفل بفترة وجيزة ومن أهم أعراض غياب العاطفة وبدرجة كبيرة عاطفة الحب الأعراض التالية :
1. شيوع الصمت وغياب لغة الحوار في الحياة الزوجية .
2. الانسحاب من المعاشرة الزوجية .
3. تبلد المشاعر وجمود العواطف .
4. غياب البهجة والمرح والمودة والتودد والأجواء الرومانسية من العلاقة الزوجية.
5. النفور الشديد من الطرف الآخر .
6. الشعور بالندم على الارتباط بالطرف الآخر .
7. التفكير بالطلاق أو بالزواج من امرأة أخرى.
8. رمي المسؤوليات عل الطرف الآخر و التفلت من الالتزامات تجاهه .
9. الإهمال والأنانية واللامبالاة باحتياجات ومتطلبات وآلام كل طرف .
والحقيقة أن هذه الأعراض ما هي إلا نتيجة لغياب العاطفة بين الأزواج ولكي نستطيع حل هذه المشكلة علينا أن نعرف أسبابها وسنسلط الضوء هنا على بعض أهم الأسباب التي تؤدي إلى غياب العاطفة في الحياة الزوجية وهي :
1- بعض المعتقدات الخاطئة :
هناك الكثير من المعتقدات الخاطئة المتكونة من ثقافة المجتمع وفي أي مجتمع سنجد الكثير من الأفكار والتصورات حول الزواج ووجود ودور العاطفة فيه ومن هذه المعتقدات :
أ- الحب ينتهي بعد الزواج :
إن هذا المعتقد من أكثر المعتقدات شيوعا ومن أكثرها فتكا بالعاطفة الموجودة في داخل كل فرد فمعظم الأشخاص يرون أن العاطفة بعد الزواج تختفي وتزول تحت ضغوطات الحياة المختلفة وهو أمر صحيح إذا ما سمحنا نحن للعاطفة بالزوال واستسلمنا لمجريات الأمور والأحداث .
ب- الحب باتي بعد الزواج :
وهو أيضا معتقد خاطئ فيفترض بالحب أن يولد في اللحظة التي يرى الخاطب فيها خطيبته ولذا أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم وحث عليه حيث ورد ذلك في قصة المغيرة بن شعبة الذي قال : ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال : اذهب فانظر إليها فانه أجدر أن يؤدم بينكما ... الحديث ) وهذا يدل على أن النظرة الشرعية هي البداية لميلاد الحب بين الزوجين والذي يفترض أن يكون مستمرا وأبديا .
ج- الزواج قائم على القدرة المادية على و القدرة تحمل المسؤولية :
وهذا المعتقد أيضا خاطئ فالزواج قائم في المقام الأول المودة التي تحصل بين الزوجين والتي كما ذكرنا تبدأ مع النظرة الشرعية ونحن لا ننكر ما للقدرة المادية والقدرة على تحمل مسؤوليات وأعباء الحياة الزوجية من أهمية ولكنها تأتي في المرتبة الثانية بعد وجود المحبة .
د- لدوام استمرار الحب والزواج لابد أن نكون شخصا واحدا :
وهو أحد أسوأ المعتقدات التي لا تدمر فقط علاقتنا الزوجية بل وتدمر أيضا علاقتنا الاجتماعية فأنا أؤمن بأن لكل إنسان شخصيته الفريدة تماما كما له بصمته الفريدة لذا من الطبيعي بل ومن المفيد أن نختلف أحيانا وخصوصا عندما يتعلق الأمر بعلاقة بين رجل وامرأة فهناك العديد من الاختلافات الموجودة بينهم ولعل ابسط تصوير لذلك هو ما ذكره الدكتور جون غراي أن الرجال من المريخ والنساء من الزهرة وكما أن الشحنة الموجبة تتحد مع الشحنة السالبة ليكونا معا التيار الكهربائي فان الرجل والمرأة يكونان معا الجنس البشري .
2- عدم الالتزام بعهد الحب :
عندما يتعاهد اثنان على الحب،بعد أن وصلوا إلى التوافق اللازم بينهما..فهما يتعاهدان على الارتباط بالحب،واقعياً،زمنياً،فعلياً،وعاطفياً على مدى الحياة التي يعيشانها..
وهما يتعاهدان على إبقاء الحب أساساً لهذه الحياة..
فالحب بين شخصين،هو الترابط التام ،الأبدي بالحب بينهما..
فكيف لهما أن يصلا للالتزام والمسؤولية ،وكافة أنواع التضحية المحمودة،إن سمحا لهذا الحب بالتلاشي والزوال؟!..
فعندما يتعاهدان بذلك..فقد قررا العيش بالحب،ومساعدة ذلك الحب لأن ينمو ويستمر..إلى الأبد..
وبذل كافة أنواع الوسائل لعيش الحياة الملائمة للحب بينهما..
لأنهما إذا وصلا للوعي بحقيقة عهد الحب،وأهميته في حياتهما،وبذلا ما يستطيعان لإبقائه، فسيصلا بالتأكيد لاستمراريته..وبالتالي يصلان للمسؤولية ،والالتزام،والتكيّف مع ظروف الحياة ،وشريكها..